نهاية المسك الأسود

9 يونيو 2025
كاتبة محتوى
مسك الغزال الأسود

المحتويات:

الجزء الأول: الوصية في العلبة السوداء.

الجزء الثاني: عين القاتل.

الجزء الثالث: المنزل الذي يتنفس.

الجزء الرابع: الطيب الذي يتذكر.

الجزء الخامس: الولد الصغير في المرآة.

الجزء السادس: بيت بلا مخرج.

الجزء السابع: الاختيار الذي لا يُغفر.

الجزء الثامن: الحارس الذي لا ينام.

الجزء التاسع: الضحية الرابعة.

الجزء العاشر: نهاية المسك الأسود أم نهاية من؟


🕯️ الجزء الأول: الوصية في العلبة السوداء ..

في صباح خريفي كئيب، تلقّى أحمد طردًا غريبًا من رجل لم يعرفه قط، كان مغلّفًا بجلدٍ أسود ومختومًا بشمع ذهبي كُتب عليه: "افتحه عند الغروب ولوحدك".


بدا الطرد وكأنه خرج من زمنٍ آخر، وعندما فتحه مساءً، وُجدت بداخله قارورة مسك أسود صغيرة جدًّا، ومعها ورقة وحيدة كتب عليها بخطّ مهتز: حين تُشمّ هذه الرائحة تبدأ اللعبة، القاتل بينكم، والوقت ليس في صالحك.


اتصل فورًا بصديقيه القديمين: ناصر المحامي الغامض الذي اختفى لسنوات في أوروبا، وفارس رجل الأمن السابق المعروف ببروده وحدّته.


اتفق الثلاثة أن يجتمعوا في بيت أحمد الريفي المهجور على أطراف الطائف، حيث بدأت الذكريات تعود.


لكن ما لم يتوقعوه أن تلك الرائحة التي لم تكن فقط عبقًا بل إشارة، ستُطلق سلسلة من الجرائم، ستكشف خيانات قديمة، وتدفن ولاءات، وتكسر صداقات كانت تبدو أبدية.

وقبل أن ينتهي الليل، كانت أول جريمة قد وقعت.


🕯️ الجزء الثاني: عين القاتل ..

دخل فارس المنزل أولاً، نظر بعينيه الحادتين في الأرجاء كما لو كان يفتش عن شيء لم يُذكر بعد، البيت كان مظلمًا، تفوح منه رائحة المسك الأسود، وكأن القارورة لم تُفتَح فقط، بل انفجرت في الهواء.


ناصر كان أكثر تحفظًا، اكتفى بالوقوف قرب الباب، يراقب أحمد الذي بدا مضطربًا رغم محاولاته للتماسك، وأخيرا رفع أحمد القارورة أمامهم، وقال بصوتٍ خافت: واحد منّا عليه دم، واللعبة بدأت.


ضحك ناصر ببرود: تحاول تخوفنا؟ ولا تبغى ترجعنا لأول ذاك الشتاء؟


لم يرد أحمد، لكنه أخرج الرسالة الثانية التي كانت مخبأة تحت الغطاء الداخلي للعلبة، وبخط باهتٍ كتب فيها: السر مدفون في الغرفة الوحيدة التي لا تحتوي على مرآة.


ساد صمت رهيب، تحرك فارس فورًا باتجاه الطابق العلوي، بينما بقي ناصر يراقب أحمد بنظرات لم يكن فيها ثقة، بل ريبة قديمة.


في الأعلى فتح فارس بابًا متهالكًا، ودخل غرفة خالية من كل شيء، عدا خزانة قديمة، وعندما فتحها سقط منها رجل مشنوق، ميت، وجهه مشوّه، ومكتوب على صدره بالدم: مو أنا، صرخ فارس: في أحد قاعد يلعب معانا بجد!


في الطابق السفلي كان أحمد يهمس لنفسه: كان المفروض أقول لهم من البداية، بس الوقت فات.


🕯️ الجزء الثالث: المنزل الذي يتنفس ..

الشرطة لم تُستدعَ، أحمد أصرّ على إبقاء الأمر داخل الجدران الأربعة، مدّعيًا أن البلاغ الآن لن يفيد، وأنه يعرف ما يفعل.


فارس رغم شكوكه لم يُعارض مباشرة، لكنه اقترب من الجثة المعلقة، تمعن فيها ثم قال: وجهه مشوه لكنه مو غريب.


ناصر لم يتحرك، اكتفى بجملة واحدة: واضح إن واحد منّا يعرف مين هو وساكت.


خيم الصمت مرة أخرى، لكن هذه المرة كان ثقيلاً، كأن الجدران تسمع، أو الهواء صار ينوح، كان المنزل يتنفس، حرفيًا كلما خفّ الضوء زادت رائحة مسك الغزال الأسود قوةً، وكأن أحدًا يسكبها في الزوايا بلا توقف.


وفي منتصف الليل، انطفأت الكهرباء، ضرب البرق نافذة الطابق العلوي، وسمعوا جميعًا صوت خطوات بطيئة تمشي فوق السقف.


قال ناصر: ما في أحد غيرنا هنا، صح؟

رد فارس وهو يُخرج سكينه الصغير من جيبه: من قال إننا وحدنا؟


فتح أحمد المصباح اليدوي وسلطه على الدرج، كان هناك ظِل رابع طويل، واقف في أعلى السلالم، يراقبهم دون حركة.


ركض فارس للأعلى لكن لم يجد أحدًا، وعلى الحائط كُتبت جملة بخط كربوني: كلهم كانوا هناك، لكن مو كلهم طلعوا أحياء.


حين نزل قال أحمد: أبي كان حارس عطور ملكية، هذا البيت كان مخزنًا سريًا للمسك النادر، والجثة اللي شفتوها ممكن تكون من الماضي أو ممكن لا.


لكن فارس قاطعه وهو يخرج شيئًا من جيب الجثة: لقّيت بطاقة باسمه يا أحمد.


أحمد تجمّد، وناصر مدّ يده ببطء نحو المسك وقال: إيش فيه جوّا هالقارورة؟ وقبل أن يُكمل، خرج صوت ضعيف منها، كأن شخصًا يتنفس من الداخل.


🕯️ الجزء الرابع: الطيب الذي يتذكر ..

جلس الثلاثة في صالة البيت الخشبية، والمطر يضرب النوافذ بإيقاعٍ كأنما يطرق باب ماضٍ قرر العودة فجأة.


ناصر لم يتوقف عن التحديق بالقارورة، شيء فيها يشده،

ليست الرائحة فحسب، بل الإحساس الذي تولّده، رغبة غريبة في البكاء دون سبب واضح، قال بصوت مبحوح: أنا شميت هالرائحة قبل عشرين سنة، في ليلة صار فيها شيء ما كنا نحكي عنه.


التفت إليه فارس بحدة: أي ليلة؟

لم يُجب.


بدلاً من ذلك، قام وسحب قطعة قماش قديمة كانت تغطي مرآة معلّقة على الجدار، لكن الغريب أن المرآة لم تعكس سوى اثنين: أحمد وفارس، ناصر لم يكن موجودًا في انعكاسها.


صرخ فارس: أحمد شوف ناصر مو باين!

أحمد وقف وقلبه بدأ يخفق بقوة، ثم فجأة قال بصوت مشروخ: هذا مستحيل، ما راح أصدّق إلا إذا…...، لكن قاطعهم صوت الباب الخشبي يُفتح دون يد، ثم صوت خطوات هادئة تمشي داخل الممر.


اندفع الثلاثة نحو مصدر الصوت، وكانت المفاجأة، الرجل المشنوق اختفى، ومكانه على الحائط أصبح نظيفًا تمامًا، بلا حبل، بلا دم، بلا أي أثر.


قال فارس: في أحد قاعد يلعب بعقولنا، أو إحنا قاعدين ننكشف أمام نفسنا.


أحمد لم يعلّق، بل مشى نحو القارورة، حملها بهدوء، وقبل أن يمنعه أحد فتحها.


فجأة، امتلأ الجو بعبقٍ غامق، وكأن العطر يتذكّر، ويُعيد كل الذكريات القديمة بصورٍ سريعة أمامهم.

رأوا لمحةً من نار.

صراخ.

طفل صغير يبكي في غرفة مغلقة.

رجل يحترق.

وقارورة تُسرق من قفصٍ ذهبي.


قال ناصر والدموع تسيل من عينيه: كنا هناك، واللي صار وقتها هو اللي رجع الآن.


أحمد سقط على ركبتيه، وهو يهمس: اللي مات ما كان غريب، كان أخوي.


وفارس صرخ: بس أخوك مات في حادث!

رد أحمد وهو ينظر إليهم بنظرة مكسورة: مو حادث،

أنتم كنتوا فيه.


🕯️ الجزء الخامس: الولد الصغير في المرآة ..

فارس وقف جامدًا، وكأن الكلمات الأخيرة لأحمد سحبَت من داخله كل ما تبقى من اتزان، ناصر تراجع خطوة، ثم تمتم بصوت بالكاد يُسمع: أحمد احنا ما كنا نعرف إن أخوك كان جوّا.


أحمد رفع رأسه ببطء، وعيناه كانت بلون الحقد الخام: كذّاب أنتم كنتوا تعرفوا، واللي صار مو مجرد خطأ، كان اتفاق.


سكت الثلاثة، بينما رائحة مسك الغزال الأسود بدأت تُثقل الجو، لم تعد عبيرًا عطريًا، بل تحوّلت إلى شيء خانق، كأنها روح محترقة مظلومة.


تقدم فارس وقال: أنا كنت مسؤول عن الأمن في ذيك الليلة، بس أحد أعطاني أمر مباشر أني ما أفتّش القبو.


ناصر حاول التبرير: وأنا وصلت متأخر، ولما اشتعلت النار كنت في الطريق.


لكن أحمد هزّ رأسه: ما يهمني وين كنتوا، المهم إن أحد فيكم حبسه هناك.


فجأة انكسر زجاج نافذة الطابق الثاني، وتناثر الزجاج في شكل يشبه رمز العين، وقتها ركض فارس للأعلى، وفي طريقه لمح باب غرفة والده القديم، الغرفة المحظورة التي لم يفتحها أحد منذ 18 سنة، وكان الباب مفتوحًا الآن.


دخل ببطء، وكل خطوة تردد صداها كما لو أن البيت كله يسمع، الغرفة كانت مظلمة، عدا بقعة ضوء صغيرة مسلطة على مرآة وحيدة.


في المرآة، لم يرَ فارس نفسه، رأى الولد الصغير الذي مات يقف خلفه، وجهه متفحم، عيناه تتقدان.


صرخ فارس وسقط على الأرض، لكنه لم يُغمى عليه، بل رأى شيئًا أغرب: انعكاس ناصر وهو يخنق الولد بقسوة، والولد يبكي وينظر للمرآة وكأنه يستنجد بفارس.


عاد ناصر ليجد فارس يهمس: أنت يا ناصر قتلت أخو أحمد بيدك.


ناصر وقف مصدومًا، لكن أحمد لم يُفاجأ، بل قال بهدوء: كنت أحتاج أتأكد، وخلاص اتأكدت.


وفجأة كل شيء انقلب، البيت اهتز، الأبواب انغلقت، والأنوار خمدت، جدران البيت بدأت تُظهر وجوهًا باكية، وتاريخًا مليئًا بالخيانة، وصوتًا غامضًا همس للجميع: كل من خان سيُدفن هنا.


🕯️ الجزء السادس: بيت بلا مخرج ..

البيت أصبح كائنًا حيًا، الجدران تتنفس، الأرض تُصدر أنينًا، والسقف ينزف قطرات سوداء تشبه بقايا المسك.


ناصر كان يركض من غرفة لأخرى، يحاول فتح النوافذ، كسر الأبواب، لكنه لم ينجح بشيء، كل شيء مغلق من الداخل، وكأن البيت قرر أن يتحول إلى قبر جماعي.


أحمد جلس وسط الصالة، وعلى وجهه ملامح الراحة العميقة، كمن أوشك أن يُشفى لا من مرض، بل من انتقام ظلّ نائمًا لسنوات.


قال بهدوء: أخوي ما مات، أخوي انقتل، وأنا للآن ما قدرت أزور قبره أبدًا، لكن البيت هذا بحول الله بيكون قبر للقاتل.


فارس لم يتكلم، كان ينظر إلى المرآة المكسورة، يرى فيها لمحات متقطعة من ليلة الحريق:

رأى الطفل يصرخ.

رأى ناصر يصفعه.

رأى نفسه يغض البصر، ويمضي.

وقال بصوت مرتجف: أنا مو بريء.


ناصر انفجر: كلكم مو بريئين، حتى أنت يا أحمد كنت تعرف إنه مخبي القارورة الأصلية، وما قلت، كلنا لعبنا اللعبة.


لكن فجأة ارتفعت أصوات الهمس كانت تأتـي من بين الجدران، ومن تحت الأرض، ومن داخل العلبة التي وضع فيها أحمد القارورة، ثم خرج ظل، لم يكن ظلًا بشريًا، كان طويلًا، مكسور الظهر، وجهه بلا ملامح، فقط عينان بيضاوان مشقوقتان، وصوت خشن يقول: أنتم الثلاثة كنتم السبب.


صرخ ناصر: أنا ما قتلت أحد، لكن الكائن لم يرد، بل مدّ يده وأمسك رأس ناصر من الخلف، وفجأة انكمش جسده، سقط على الأرض، وبدأ يتقيأ مسكًا أسودًا كثيفًا، وكأن كل ذنب دفنه خرج الآن.


أحمد وفارس كانا ينظران، لا يعرفان هل يهربان؟

هل يعترفان؟

هل ينتظران دورهما؟


لكن فارس قال فجأة: في شيء مهو معقول، القارورة هذه مو عادية، إذا المسك يتذكر، لازم نعرف مين صنعه.


أحمد همس: أبوي، لكنه مات قبل يكمّل الخلطة وأنا كملتها.


فارس شهق: أنت اللي ختمتها بالشمع الذهبي؟ أحمد ابتسم لكن لم تكن ابتسامة فرح، كانت ابتسامة مجرم يعرف أن النهاية اقتربت، لكنه مستعد لها.


فقال: أنا صنعت الحقيقة، والبيت راح ينطقها.


وفي اللحظة التي انتهى من كلمته، انقسم الجدار أمامهم، ظهر ممرّ مظلم، على جوانبه علب بخور قديمة، وقوارير مغلقة، وصور باهتة من ليالٍ ماتت فيها الضمائر.


وصوت الكائن يقول: واحد منكم لازم يختار من يموت.


🕯️ الجزء السابع: الاختيار الذي لا يُغفر ..

الهواء داخل الممر الجديد كان أكثر برودة، ورائحة المسك اشتدّت حتى تحوّلت إلى شيء أقرب للاحتراق، رائحة موت قديم يُعاد طهيه من جديد.


أحمد وقف عند مدخل الممر، وفي عينيه إصرار غريب،

فارس تأخر خطوة للخلف، يهمس لنفسه كأن ضميره يئن،

أما ناصر ما زال على الأرض، يتلوّى، لا يقوى على الحراك، والمسك الأسود يخرج من فمه وأنفه كضبابٍ ثقيل.


ظهر أمامهم كرسي واحد، وفيه قارورة جديدة لم تكن موجودة من قبل، قارورة زجاجية صافية، بداخلها شيء يتحرّك، كأنها تحتوي على روح حيّة.


صوت الكائن يعود أكثر وضوحًا، كأنه أصبح جزءًا من داخلهم: واحد منكم لازم يجلس على الكرسي، من يجلس يبقى، ومن يهرب ينتهي.


قال فارس بصوت مبحوح: وش يعني يبقى؟

الصوت أجاب: يبقى شاهدًا للأبد.


نظر أحمد إلى فارس، ثم إلى ناصر، ةقال بنبرة باردة: أنا جلست 18 سنة أسمع صراخ أخوي في المنام، أنا اللي لازم أجلس.


لكن فارس صرخ: لا يا أحمد! أنت صنعت المسك، أنت تسببت بفتح البوابة، أنا اللي كان لازم أفتش القبو يومها، أنا اللي سمعت الصوت وسكت.


أحمد هزّ رأسه: بس ناصر اللي حبسه.


وفجأة ناصر رفع رأسه بعينين لم تعودا بشريتين، ابتسم ابتسامة غريبة، وقال بصوت مزدوج: أنا ما كنت ناصر، أنا كنت أول من شرب من المسك الأصلي.


صُدم أحمد وفارس، ناصر لم يكن مجرد صديقهم القديم،

بل كان الوعاء الأول للتجربة الفاشلة التي قام بها والد أحمد، هو من حمل القضية، هو من تسلّل للبيت وفتح المرآة وأعاد كل شيء، ولكن الوقت انتهى.


الكائن اقترب.

مدّ يده، وأشار للكرسي.

لم يعد هناك مجال للتبرير.


أحدهم يجب أن يجلس الآن وإلا سيفنى الجميع.

قال أحمد أخيرًا: أنا مستعد.، لكن لحظة جلوسه دفعه فارس بقوة، وجلس هو بدلاً عنه.


قال بنبرة تحدٍّ: أنا اللي هربت يومها، أنا اللي شفت الولد يصرخ وما تحركت، وبمجرد أن جلس انغلق الممر خلفهم،

واختفى الكائن، وسقط ناصر مغشيا عليه بلا حراك.


أحمد وقف وحده، يصرخ باسم فارس، لكن صوته لم يصل، البيت هدأ، لكن الكرسي لم يكن نهاية فارس، بل بدايته كحارس جديد للبيت.


🕯️ الجزء الثامن: الحارس الذي لا ينام ..

مرّت 72 ساعة، البيت عاد إلى صمته القاتل، لا صرخات، لا رائحة مسك، لا ظلّ.


أحمد خرج من الباب الذي فُتح فجأة وكأن كل شيء انتهى، خرج وحده، وفي الخارج لا أحد يعلم ماذا حدث، لا أحد سمع شيئًا، لكن الغريب أن البيت لم يعد على الخريطة.


نعم، المنزل بكل تفاصيله اختفى من كل الأقمار الصناعية،

أصبح مكانه أرضًا مهجورة على خرائط الإنترنت.


لكن أحمد يعلم أنه لم يختفِ، هو فقط دخل مرحلة جديدة من التمويه.


عاد أحمد لحياته أو حاول، لكن شيئًا ما كان ناقصًا، كلما مرّ على غرفة مظلمة شعر بأن فارس ما زال يراقب من خلالها، كلما شمّ بخورًا أو مسكًا في مسجد، خُيّل له أنه يسمع صوتًا يقول: أنا ما نمت، أنا فقط أراقبك.


ومع مرور الوقت، بدأ يتلقى أشياء غريبة بالبريد:

- أولها كانت مرآة صغيرة لا تعكس سوى ظله.

- ثم صورة لثلاثتهم من 20 سنة، لكن بدون فارس!

- وأخيرًا وصلت قارورة مغلقة شفافة تمامًا مكتوب عليها: إذا فتحتني ستنعكس اللعبة.


وورقة أخرى مرفقة كتب فيها: فارس الآن جزء من البيت، لكنه لا يريد أن يبقى وحيدًا.


أحمد لم يكن يعلم أن الكرسي الذي جلس عليه فارس لم يكن تضحية فقط، بل كان تتويجًا، لقد أصبح فارس الحارس الجديد للمسك الأسود الطبيعي الخام.


وفي تلك الليلة قرر أحمد فتح القارورة، وما إن فعل حتى اختفى من بيته، السرير لا يزال دافئًا، القهوة على طاولته لم تبرد، لكن أحمد تبخر.


الناس قالوا أنه سافر، لكن في المكان الذي اختفى فيه ظهرت صورة جديدة داخل البيت الذي لا يظهر على الخريطة.


أحمد يجلس على كرسي قديم، وفارس واقف خلفه يبتسم.


🕯️ الجزء التاسع: الضحية الرابعة ..

لم تكن القصة قد انتهت، بل كانت تنتظر فصلاً جديدًا لتبدأ، ففي مدينة بعيدة عن الطائف، في أقصى شمال المملكة،

استلم شاب اسمه راشد طردًا غير متوقع.


راشد يعمل في مزاد للعطور القديمة، لا يعرف أحمد، ولا فارس، ولا ناصر، لكنه في مساء الثلاثاء وصلته قارورة شفافة، مغلقة بشمع أسود، وبدون مرسل.


ورقة مرفقة بخط قديم: هل تملك الجرأة لتشم؟ إذا فعلت لن تعود كما كنت، ضحك راشد في البداية، واعتقد أنها خدعة تسويقية، أو ربما مزحة من أحد الزبائن الأثرياء.


فتح القارورة، وهنا تغير كل شيء، الضوء خفت، الهواء برد فجأة، وظهر أمامه من بين الظلال رجل يرتدي ثوبًا محترق الأطراف، وجهه غير واضح، لكن صوته كان مألوفًا: أنت الرابع لكنك أول من لم يخطئ بعد.


صرخ راشد، لكن الصوت أكمل: أمامك خياران: تغلق القارورة الآن وتعيش باقي حياتك ترى أشياء لا يراها أحد،

أو تفتحها بالكامل وتدخل القصة التي لا تنتهي.


في لحظة تهور فتح راشد القارورة بالكامل وابتلعه الظلام، ظهر داخل غرفة حجرية، الجدران مغطاة بصور قديمة، صور رجال، منهم: فارس، أحمد، ناصر وآخرين لا يعرفهم.


وفي الزاوية، كرسي خشبي مكسور، وفوقه عبارة محفورة: من جلس بقي، ومن راقب مات واقفًا.


بدأت الصور تتحرك، كل واحد من الثلاثة بدأ يتكلم من داخل صورته:

ناصر يصرخ: كان لازم تبلغ.

فارس يهمس: ما كان عندي خيار.

أحمد يبكي: المسك ما كان نقي كانت فيه شيء.


راشد بدأ يفقد توازنه، ثم خرجت من خلف الصور يد سوداء، تحمل مرآة، وحين نظر راشد إلى المرآة لم يرَ نفسه، بل رأى منزلًا محترقًا، وطفلًا يختبئ خلف أحد الجدران.


سمع صوته يهمس: هذه البداية وباقي النهاية.


وفي الخارج في العالم الواقعي الناس في مزاد العطور لاحظوا شيئًا غريبًا: كل القوارير التي في متجر قصص العود بدأت تسيل منها قطرات مسك سوداء!


🕯️ الجزء العاشر: نهاية المسك الأسود أم نهاية من ..

المسك الأسود بدأ يظهر في أماكن لا تفسير لها:

◾ على طاولة عطرية في فندق فخم.

◾ في صندوق قديم منسي بمتحف في لندن.

◾ في مسجد عمره 400 سنة في المغرب.

◾ وحتى على وسادة رجل توفي في نومه بلا سبب.


لكن ما لم يعرفه الجميع، أن أحمد نفسه هو من قتل أخاه، ليس ناصر، ولا فارس، ولا راشد، بل أحمد.


كان شقيقه الأصغر قد اكتشف سرًّا خطيرًا: أن أحمد باع وصفة المسك الملكي لمصنع فرنسي مقابل ثروة ضخمة، وخان بذلك عهد أبيه.


الولد هدده بالفضيحة، فحبسه أحمد في قبو البيت بحجة التأديب المؤقت، ثم نسيه هناك في الليلة التي اندلع فيها الحريق، وطوال 18 سنة، عاش أحمد دور الضحية، بينما هو الجلاد الحقيقي.


وحين بدأت القارورة تُعيد الذكريات، خاف أحمد فاختلق اللعبة، وورّط ناصر وفارس فيها، ليغسل يديه أمام نفسه.

لكن فارس، الذي راقب كل شيء بصمت، عرف الحقيقة،

ففي الليلة الأخيرة، أخذ أحمد وحبسه في نفس القبو، ثم كتب على الجدار: اللي يبدأ يغدر بالمسك لازم ينتهي فيه.


المسك الأسود ليس له نهاية.

النهاية كانت روح أحمد.


🟤 احجز الآن ..

واستمتع بتجربة الرائحة الفخمة التي تعكس جمال مسك الغزال الفاخر من متجر قصص العود.



🟤 اقرأ أيضا ..

- دهن هندي أسام معتق عبق الزمان وعراقة المكان.

- كان يا ما كان في الغابات قصة كفاح العود في سورات.